وانقطع الوحى

بعد أن تعرفنا على أول نزول للوحى على الرسول فى غار حراء أثناء تعبد الرسول فى هذا الغار ورجوع النبى إلى زوجته الحنون
وسماعه الكلام من ورقة بن نوفل ....... انقطع الوحى أو....
فتر الوحى عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) واختلف فى فترة فتوره عنه وهناك عدة أقوال والصحيح منها أنها كانت أياما وقد روى ابن سعد عن ابن عباس رضى الله عنهما ما يفيد ذلك .
وقد ظل النبى ( صلى الله عليه وسلم)فى أيام الفترة كئيبا حزينا تعتريه الحيرة والدهشة ، فقد روىالبخارى فى كتاب التعبير ما نصه: انقطع الوحى عن النبى فترة من الوقت فحزن النبى ( صلى الله عليه وسلم)فيما بلغنا حزنا عدا منه مرارا كى يتردى من رءوس شواهق الجبال ، فكلما أوفى بذروة جبل لكى يلقى نفسه منه تبدى له جبريل فقال: يا محمد ، إنك رسول الله حقا فيسكن لذلك جأشه وتقر نفسه فيرجع فإذا طالت عليه فترة الوحى غدا لمثل ذلك ، فإذا أوفى بذروة الجبل تبدى له جبريل فقال له مثل ذلك
جبريل ينزل بالوحى مرة ثانية
قال ابن حجر : وكان ذلك ـ أى انقطاع الوحى أياما ـ ليذهب ما كان فى نفس النبى عليه الصلاة والسلام من الخوف والروع وليحصل له التشوق إلى العودة فلما حصل ذلك وأخذ يرتقب مجئ الوحى أكرمه الله تعالى بالوحى مرة ثانية قال ( صلى الله عليه وسلم ) :
" جاورت بحراء شهرا فلما قضيت جوارى هبطت ، فلما استبطنت الوادى فنوديت ، فنظرت عن يمينى فلم أر شيئا ، ونظرت عن شمالى فلم أر شيئا ، ونظرت أمامى فلم أر شيئا ، ونظرت خلفى فلم أر شيئا ، فرفعت رأسى فرأيت شيئا ، ( فإذا الملك الذى جاءنى بحراء جالس على كرسى بين السماء والأرض ، فجئثت منه رعبا حتى هويت إلى الأرض ) فأتيت خديجة فقلت ( زملونى زملونى ) دثرونى وصبوا على ماء باردا ، قال : فدثرونى وصبوا على ماء باردا فنزلت :{يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر }وذلك قبل أن تفرض الصلاة ثم حمى الوحى بعد وتتابع .
وهذه الآيات هى مبدأ رسالته عليه الصلاة والسلام وتشمل نوعين من التكاليف مع بيان ما يترتب عليه :
النوع الأول : تكليفه ( صلى الله عليه وسلم ) بالبلاغ والتحذير وذلك فى قوله تعالى :" قم فأنذر " فإن معناه حذر الناس من عذاب الله إن لم يرجعوا عما هم فيه من الغى والضلال وعبادة غير الله تعالى والإشراك به فى الذات والصفات والحقوق والأفعال .
النوع الثانى : تكليفه ( صلى الله عليه وسلم ) بتطبيق أوامر الله تعالى على ذاته والالتزام بها فى نفسه لينال بذلك مرضاة الله تعالى ويصير أسوة حسنة لمن آمن به وذلك كما جاء فى بقية الآيات :" وربك فكبر "أى خصه بالتعظيم ولا تشرك به في ذلك أحدا : " وثيابك فطهر" القصود الظاهر منه تطهير الثياب والجسد ، إذ ليس لمن يكبر الله ويقف بين يديه أن يكون نجسا مستقذرا وقوله :" فالرجز فاهجر " اى ابتعد عن أسباب سخط الله تعالى وعذابه وذلك بالتزام طاعته وترك معصيته وقوله :" ولا تمنن تستكثر " أى لاتحسن إحسانا تريد أجره من الناس أو تريد له جزاء أفضل فى هذه الدنيا .
أما الآيه الآخيرة ففيها تنبيه للرسول عليه الصلاة والسلام على ما سيلحقه من قومه من أذى حين يفارقهم فى الدين ويقوم بدعوتهم إلى الله تعالى فقال تعالى :" ولربك فاصبر " والآيات تضمنت النداء العلوى للرسول الكريم وذلك بانتداب الرسول لهذا الأمر العظيم فأنت الذى تحمل هذا العبء الكبير فمالك والنوم ؟ ومالك والراحة ؟ ومالك والفراش الدافئ ؟ والعيش الهادئ ؟ والمتاع المريح . قم للأمر العظيم الذى ينتظرك و قام الرسول الكريم صلوات ربى وتسليمه عليه بعدها أكثر من عشرين عاما يحمل على عاتقه العبء الثقيل عاش فى المعركة الدائبة المستمرة لا يلهيه شأن عن شأن .
جزاه الله خيرا عنا وعن البشرية كلها خير الجزاء لما بلغ وأدى الامانه وحمل الرسالة وجاهد فى الله حق الجهاد .
أقسام الوحى
كان الوحى يأتى رسول الله على عدة اشكال نستطرد منها :
النوع الأول : الرؤيا الصادقه وكانت مبدأ الوحى .
النوع الثانى : ما كان يلقيه الوحى فى روعه وقلبه من غير أن يراه كما قال النبى ( صلى الله عليه وسلم ) :" إن روح القدس تفث فى روعى أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها ، فاتقوا الله وأجملوا فى الطلب ، ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تبطلوه بمعصية الله ، فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته "
النوع الثالث : أنه كان يتمثل له الملك رجلا فيخاطبه حتى يعى عنه ما يقول وفى هذه المرتبة كان يراه الصحابه أحيانا .
النوع الرابع كان يأتيه كصلصلة الجرس وهى أشدها على الرسول حيث كان الوحى يلتبس به حتى أن راحلته كانت تبرك به على الأرض وكان جبينه يتفصد عرقا فى البرد القارس .
النوع الخامس : أنه كان يرى الوحى كما خلقه الله على صورته .
النوع السادس : ما أوحاه الله إليه ليله المعراج.
النوع السابع : كلام الله له مباشرة كما كلم الله موسى وهى ثابته لموسى كما جاء فى القرآن وثبوتها لنبينا هو فى حديث الاسراء .وسوف نكمل جهاد النبى للدعوة إلى الله تعالى وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين